محلل سياسي يمني: المؤشرات في اليمن خطيرة على كافة الأصعدة
صنعاء/ نبيل البكيري 16/9/1429
16/09/2008
قال محلل سياسي إن اليمن مهدَّدة بحدوث انفلاتات أمنية، وعودة احتمالات التجزئة مرة أخرى في حال لم تتخذ الحكومة الحالية المعالجات اللازمة والصحيحة للاضطرابات الحالية في الجنوب، واعتبر أن ما يحدث حاليًّا هو نتاج لـ "تجاهل بناء دولة المؤسسات والقانون، وللتوزيع غير العادل للثروة والاستئثار بها من قبل قلَّة قليلة، مقابل أغلبية تعيش تحت خط الفقر".
واستبعد المحلل سمير جبران أن تلعب القبيلة دورًا إزاء ما يجري في المحافظات الجنوبية قائلاً: إن القبيلة ليس لها ذلك الدور المؤثر في مناطق الجنوب التي هي ساحة الاحتجاجات (الضالع، لحج، عدن، حضرموت، وأبين) بعكس بعض المحافظات الشمالية.
ما الذي يجري اليوم على الساحة اليمنية؟
ما يجري هو نتاج للسياسات الخاطئة التي انتهجها النظام الحاكم على مدى العقود الماضية، خاصة السنوات العشر الأخيرة .. نتاج لتجاهل بناء دولة المؤسسات والقانون، وللتوزيع غير العادل للثروة والاستئثار بها من قبل قلَّة قليلة، مقابل أغلبية تعيش تحت خط الفقر.
لدينا قلَّة تتحكم بالقرار، والثورة ماضية في انتهاج سياستها دون تراجع، ومعارضة تتجاوز المشاكل قدراتها وإمكانياتها، وشعب فقد الثقة بأي إصلاح، ولم يعد بإمكانه الصبر أكثر على أوضاعه المتردية؛ فخرج إلى الشارع.
وهل تعتقد في ضوء الحراك الجنوبي أن خيار الانفصال وارد؟
كل الخيارات واردة .. لكن في اعتقادي بالنسبة لخيار الانفصال، بمعنى عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الوحدة؛ فبالنظر إلى الأمر من جوانب متعددة سياسية واجتماعية واقتصادية يبدو أقرب إلى الاستحالة منه إلى التحقق .. الخيار الأقرب للتحقق ـ في حال لم تقم السلطة بأي معالجات جادَّة لأسباب ما يحدث ـ هو الانفلات والتجزؤ، لا قدَّر الله.
من الذي يحرك الاضطرابات في الجنوب ؟ وهل للاشتراكيين دور في هذه الأحداث؟
وقود هذه الاضطرابات ـ إن جاز تسميتها كذلك ـ هو السياسات الخاطئة للسلطات المحلية والمركزية .. لقد كانت هناك –وما زالت- فرص لمعالجة الأزمة، لكن السلطة لم تستغلها بشكل ينهي هذه الأزمة، بل لجأت إلى حلول (ترقيعية) سرعان ما تنتهي صلاحيتها.
بالنسبة لدور الاشتراكيين فالواضح أن هناك كوادر حزبية من الاشتراكي والأحزاب الأخرى بما فيها الإصلاح، وحتى الحزب الحاكم نفسه، وغالبًا ما تكون هذه الكوادر لم تعد مرتبطة تنظيميًّا بأحزابها، إلى جانب المستقلين بالطبع.
الذي يظهر أن الاحتجاجات عفوية مع وجود تنسيق بين بعض الشخصيات التي تتزعَّم الحراك، لكن هناك مصادر في الحزب الحاكم تطرح أن تلك الفعاليات أصبحت منظمة لها ارتباطات خارجية، ولديها قياداتها.
وما هو موقف المعارضة عمومًا، وحزب الإصلاح الإسلامي خصوصًا مما يجري؟
المعارضة ممثلة باللقاء المشترك الذي يضم خمسة أحزاب إسلامية ويسارية وقومية، ومن خلال بياناتها وتصريحات قياداتها تقول إنها لا تقود الاحتجاجات، لكنها تدعمها، هذا بالنسبة للاحتجاجات في الجنوب .. ومن الواضح أن هناك مشاركة فاعلة لكوادرها في تلك الاحتجاجات، ويصل الأمر أحيانًا إلى تنظيم فعاليات مشتركة بين أحزاب المعارضة والقيادات الأخرى في الحراك، لكن المعارضة -وخاصة حزب الإصلاح- تحرص على أن تظل تلك الاحتجاجات في إطار سقف الوحدة، وعدم المساس بها، بخلاف ما يحدث في بعض تلك الفعاليات من تجاوز لهذا السقف في الشعارات تحديدًا.
في محافظات أخرى خاصة في الشمال، ومحافظة حضرموت تبدو أحزاب المعارضة هي من تقود تلك الفعاليات بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني.
إلى أي حد يمكن أن تلعب القبيلة دورًا في ما يجري ولمن ستنحاز؟
للقبيلة دور مؤثر في بعض المحافظات الشمالية بخلاف المحافظات الجنوبية التي هي ساحة الاحتجاجات (الضالع، لحج، عدن، حضرموت، وأبين)، وبالتالي فإن من المستبعد أن تلعب القبيلة دورًا إزاء ما يجري في تلك المحافظات. هناك تحركات بدأت بقيادة الشيخ حسين الأحمر رئيس مجلس التضامن الوطني ذي التكوين القبلي، حيث عقد لقاءً موسعًا أواخر إبريل الماضي في محافظة عدن لمناقشة الوضع، لكن الكثير يرى أن هذه التحركات لن تنجح في إخماد ذلك الحراك، خاصة وأن هناك عدة لجان شُكِّلت من قبل السلطة لمعالجة الأزمة لكنها لم تفلح، المشكلة ليست في شكل الجهة التي تتولى المعالجات، بل في نوع تلك المعالجات .. لا مفر من الحل عبر بناء دولة نظام وقانون تكون فوق الأشخاص مهما علت رفعتهم ومناصبهم.
أما انحياز القبيلة سيكون لمن، فهذا سؤال غير مطروح؛ لأن -كما أسلفت- القبيلة حاضرة في بعض المحافظات الشمالية البعيدة عن ذلك الحراك، إلا إذا كان النظام سيعتمد الخيار "الشمشوني"، وهدم المعبد على رؤوس الجميع، فزج القبيلة في "المعمعة" أمر وارد، لكن ذلك يعني بصورة أخرى دخول البلاد مرحلة الانفلات والحرب الأهلية.
أين تقف مؤسسات المجتمع المدني في اليمن إزاء هذه التحركات؟
كثير من منظمات المجتمع المدني تقف إلى جوار تلك التحركات، وتدعم مطالبها المشروعة .. ومن بدأ هذه التحركات في الأصل هي منظمات المجتمع المدني المتمثلة بجمعيات المتقاعدين من الجيش، أما من جهة مساهمة منظمات المجتمع في حل المشكلة فالمسألة برأيي تتجاوز قدراتها وإمكانياتها كما هو الحال بالنسبة للأحزاب .. الحل بيد السلطة لا غير، وهي التي تمتلك القدرة إذا توفَّرت الإرادة.
برأيك كمحلل .. ما الذي ستسفر عنه حركة الاحتجاجات في اليمن؟.
ستسفر عن بناء يمن جديد .. ما شكل هذا اليمن الجديد؟ قد يكون جميلاً كأي دولة مستقرة في هذا العالم، أو قد يكون شبيهًا بالصومال ! بمعنى قد تفضي هذه الاحتجاجات إلى إصلاح وضع البلد، أو إلى انفلات يصعب التكهن بمداه.
وما مستقبل البلاد في ضوء هذا كله؟
غامض، ومن الصعب قراءته، ولا نملك سوى التفاؤل بمستقبل أفضل، رغم المؤشرات المخيفة على كل الأصعدة.
الاسلام اليوم