إدارة الحياة الأسرية.. بقيادة من
تحتاج الأسرة عقليا إلى قائد وحاكم ينفذ القوانين ويحمي مصالحها ويفرض سيطرته عليها. ولا يصلح لهذه المهمة سوى الأب، (فالرجل سيد أهله والمرأة سيدة بيتها) , فالأب هو أفضل ملاذ للطفل وهو الذي يتخذ القرارات ويقوم بالتوجيه والبناء والتنفيذ، إنه ملجأ لأفراد أسرته والمسؤول عن الإنفاق والمشرف على التزامها، والعقل المفكر للأسرة وقوتها واقتدارها، وهو الذي يوفر لها الأمن.
ينظر الأطفال إلى الأب نظرة لاشعورية أنه يمثل القانون وأنه سبب اقتدارهم، وذلك دون أن يتدخل الآخرون في تحقيق هذه النظرة. كما وينظرون إليه أيضا على أنه المرشد والحامي والمراقب، وأنه مصدر الخوف والغضب، والأمن والحب في نفس الوقت.
إنه رب الأسرة ومديرها الذي يعرب عن رأيه بشكل مستقل ويتخذ القرارات المناسبة.
الخطوط العامة لقيادته:
ثمة وظائف أساسية ينبغي على القائد الأب الإهتمام بها وأداؤها علما أن هذه الوظائف تختلف باختلاف طبقات المجتمع الواحد والمجتمعات الأخرى:
1- البناء الفكري: فالأب هو العنصر الذي يضع أسس البناء الفكري للأسرة ويحدد نظام القيم الذي يتحكم بالأفراد. وقد يكون للأم راي في هذا المجال ايضا، وعندها لا بد من الدمج بين الرأيين.
ويمثل الأب في الحقيقة القائد الديني للأسرة، وقد أكد الإسلام كثيرا على هذا الأمر، فهو الذي يبني القاعدة المعنوية والأخلاقية للأسرة ويشرف على المسائل الدينية والاعتقادية. وهو الذي يأمر أبناءه بالصلاة "وأمر أهلك بالصلاة..." والصدق والتضحية والفداء، ويشرف كذلك على زوجته وأولاده ويوجههم نحو الطريق القويم. وما المواقف التي يتخذها الأولاد ازاء الحوادث والوقائع المختلفة إلا انعكاس لهداية الأب وتوجيهاته.
2- تنظيم الوظائف وتقسيمها: يتبنى الأب في محيط أسرته عملية تنظيم مختلف الأمور. فهو يحدد برنامج النوم واليقظة، وتناول الطعام واللعب، والسفر والإستجمام، وهو الذي يرسم مسؤوليات أفراد الأسرة في البيت، والمسؤول عن المشتريات، والذي يجلب الطعام، ويعتني بأساس المنزل وزهور الحديقة وغير ذلك , ويتحدد اعتبار الأب في جانب منه على ضوء هذا التنظيم وتقسيم الوظائف بحيث لا يسمح لأي فرد أن يتعدى الحدود المرسومة له.
3- تنظيم العلاقات: يقوم الأب بعملية تنظيم للعلاقات وتحديدها. فهو ينظم علاقة الأخ بأخته والكبير بالصغير وعلاقات الأسرة بالأصدقاء والأقرباء. فهل يحق للأخ أو الأخت الكبيرة الأمر والنهي؟ وهل تجنب لهما الطاعة؟
كما ويشرف الأب أيضا على الممارسة الجيدة لهذه العلاقة، ويمنع الأخطاء والتجاوزات سيما قيام أي فرد من أفراد الأسرة بفرض رأيه على الآخرين، أو أن يستغل قوته فيكون عنيفا مع الضعفاء. عندها سينال جزاءه من الأب الذي يقف بالمرصاد لكل متجاوز.
4- رسم برنامج الحياة: تحتاج كل أسرة إلى برنامج خاص من أجل ثباتها واستقرارها بشرط أن يلتزم جميع الأعضاء به. ولا بد أن يكون هذا البرنامج بناء وهادف لتحقيق مصالح الأسرة الحالية والمستقبلية.
ويجب أن يستخدم الأب تجاربه وعقله ويستعين بخبرات الآخرين في سبيل نجاح هذا البرنامج وتحقيق نتائجه. ولا بد أن يشتمل هذا المخطط على كل ما تحتاج إليه الأسرة من قضايا التسلية والأمور الأخرى التي تؤدي إلى بنائها ورشدها وتزرع الألفة والتفاهم بين أفرادها. وينبغي أن يراعي هذا البرنامج السن والإدراك والفهم والطاقات البدنية.
5- تنظيم الوقت: قلنا سابقا انه تقع على الأب مسؤولية كبيرة في تنظيم برنامج أفراد الاسرة. ويحدد للأطفال خاصة الذين يدرسون في المدارس أوقات الدراسة واللعب ومصاحبة الأصدقاء.
فالهدف من تنظيم الوقت هو لترتيب الحياة المعيشية للأسرة وبنائها، مما يحتاج إلى سياسة خاصة لكي لا يستثمر الطفل مثلا جل وقته في اللعب واللهو ويترك دراسته، أو أن يتفرغ بشكل كامل لعملية الدراسة والمطالعة ويترك بناءه الجسمي والنفسي والعاطفي.
6- المراقبة والاهتمام: يعتبر الأب ملاذ الطفل وملجأه. صحيح أن الأم ترغب بإسعاد ولدها ويحق لها ذلك، لكن مسؤولية الهداية والتوجيه فيما لو حدث أي إنحراف أو خطأ تقع على الأب.
وسبب هذا الدور هو لمسؤولية الأب في مراقبة الأسرة والإهتمام بها.
ويجب عليه أن يدفع عنها الأخطار الجسمية والأخلاقية والمعنوية. وهذه مسؤولية كبيرة ومهمة في نفس الوقت وتحتاج إلى جهود عظيمة، لا يستطيع تحقيقها إلا الأب رغم صعوبتها.
7- المحافظة على الإنضباط: إن الأب هو المسؤول عن التزام الأسرة وانضباطها، ويجب عليه أن يعلم ولده إطاعة لقوانين والإلتزام بها.
ولا بد له أن يتعاون مع زوجته وأن يدعمها من أجل تحقيق الإنضباط المطلوب.
وللأم دور مهم في هذا المجال وذلك لتأثير شخصيتها وسجاياها على الأولاد. لكن دور الأب يفوق عدة مرات دور الأم لأنه رب الأسرة وسيدها. يفهم الأفراد في ظله معنى القانون.
فالطفل ينتظر من أمه الحب والعطف والحنان وينتظر من أبيه تحقيق العدالة والإلتزام بالقانون، وهذا السبب في بروز دوره المهم، إذ ان الوحيد القادر على إصلاح طفله ومراقبة تصرفاته.