قرأتُ الصحف اليمنية الرسمية-كعادتي- الصادرة، صباح يوم الثلاثاء 26/5/2009 ..حيثُ لم أندهش ولم تنتابني حالة ذهول، كوني قد إعتدتُ، على تصفح أخبار وبالمانشيت العريض، تطالبُ فيها، السلطة اليمنية، دول الجوار أحيانا- و'الانتربول' الدولي ـ أحايين أخرى- بالقبض على قيادات جنوبية، تتواجدُ، في أراضيها، منذ الحرب اليمنية- الجنوبية، عام 94 .. وبعضهم تواجدوا، في فترات سابقة لتلك الحرب المشؤومة!
فصحفُ 'الثلاثاء' جاءت لتذكرنا بحالة 'الهستيريا' والهوس والهلع التي أصابت بعض الجهات الامنية، في اليمن، وقبلها السلطة المركزيَّة فيها!..فلم يعد 'الانتربول'- أي الشرطة الدوليَّة- في نظرهم، إلا مجرد عصا غليظة، تلوح بها، هذه الجهات - وقتما تشاء- في وجه خصومها السياسيين، المتواجدين، في المنافي .. ودول الشتات، منذ حروب يمنية سابقة
وما يؤسف له حقاً، أن الإخوان في القيادة السياسية اليمنية، المهيمنين، على مقاليد الأمور، منذ حرب صيف 94، لم يتعظوا بعد، من مطالب مشابهة سابقة، تقدموا بها، إلى دول الجوار..وكان الردّ، مخيباً للآمال حينها-!
حيث- كما أتذكرُ- أن دولة عربية خليجية جارة وشقيقة، ردَّت على الطلب اليمني، بالقبض على الاستاذ عبدالله الاصنج ـ وزير خارجية سابق، في حكومة اليمن الشمالية - بأنها ليست مخوّلة بالقبض، على الخصوم السياسيين، وأن السيد الاصنج، ضيفٌ عزيزٌُ عليها، ولاجئٌ سياسيٌّ.. ولا يحقُّ تسليمه للشرطة الدوليَّة، كونهُ لم يرتكب جرماً أو جناية، يستحقّ عليها، مطاردته، من قبل الانتربول الدولي!
هكذا كان ردُّ الأشقاء الذين يعون ويدركون، أن مسألة القبض، على الخصوم السياسيين، خارجة عن نطاق إختصاصاتهم ومسؤولياتهم، كما أنها تتنافى وتتقاطع كلياً، مع القوانين الدوليَّة، كونها قضايا داخلية بين فرقاءِ العمل السياسي، في إطار البلد الواحد أو القطر الواحد!
على كل حال، لستُ شامتاً ولا متحاملاً بتذكيري بالواقعة أعلاه، بقدر ما كنتُ أتطلع، إلى أن يتعظ أصحابُ الحلّ والعقد في السلطة اليمنية الراهنة، من خيبات أمل سابقة، ما كان لي، أن أُذكِّر بها، لولا قراءتي الأخيرة للخبر الذي ينطبقُ عليه، قول المثل الشهير 'شرُّ البلية ما يضحك'!
إستنتاج ..لا بد منه:
ما أحوجُنا في اليمن، إلى قليل ٍ، من الحكمة والتروي والعقلانية، في إتخاذ القرارات أو الإجراءات العقابية، ضد الخصوم السياسيين، في الداخل أو الخارج..فالتخبط والعشوائية، يقودان إلى نتائج مأساوية، وغير محمودة العواقب!
فقد أثبتت سلوكياتنا، مع الخصوم السياسيين، في الداخل او الخارج، بأننا ـ للأسف الشديد- لا نتمتعُ بالحصافة والرَّزانة والمسؤولية!..وأننا قد تجاوزنا ـ في مناسبات عديدة - الحدود، في 'بعض' القضايا الداخلية التي كان بالإمكان معالجتها، ووضع الحلول المنطقية العادلة لها، لو حكَّمنا العقل.. قبل القلب!
كاتب صحافي يمني من الجنوب