العالم الثالث...هل سيبقى متأخراً للأبد
العالم الثالث
هنالك العديد من المصطلحات والتسميات التي يتم تداولها دون معرفة تاريخ ظهورها والاسباب التي قادت الى استخدامها، فقد شاع بعد الحرب العالمية الثانية استخدام تسميات صنفت العالم الى ثلاث تقسيمات (اول - ثاني- ثالث) استناداً على مدى التطور الذي احرزته بعض الدول في المجالات الاقتصادية والتقنية والعسكرية...الخ.
بعد ان انجلت غمار الحرب العالمية الثانية ودخل العالم في تحدٍ جديد تمثل بالحرب الباردة التي عكست تنافس من نوع اخر قائـــم على اساس التفوق التكنولوجي وانقسم اطرافـــــه الى قسمين هما:-
1. العالم الاول ويمثل المعسكر الغربي وضم دول حلف شمال الاطلسي وعلى راسها القوة الصاعدة انذاك الولايات المتحدة الامريكية.
2. العالم الثاني ويمثل المعسكرالشيوعي الذي ضم الاتحاد السوفيتي وحلفاءه.
اما بقية الدول التي لم تجد لها مكاناً بين العملاقين فقد اتفق على ادراجها تحت مسمى العالم الثالث وهي تضم كل من دول القارات الثلاث (اسيا- افريقيا- امريكا اللاتينية) التي هي في طور النمو ولم تبذل جهداً في مواكبة عجلة التطورانذاك حيث كان معظمها يرزح تحت سيطرة الاستعمار واول من طرح تسمية العالم الثالث هو الاقتصادي الفرنسي (الفريد سوفى) في مقالة نشرت عام 1952 للاشارة الى الدول التي لا تنتمي الى المعسكرين الليبرالي والاشتراكي.
لا تزال تسمية العالم الثالث تلاحق دول تلك القارات رغم ان التسمية قد ترفقت بها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي الذي كان يمثل العالم الثاني حيث استبدلت بتسمية العالم النامي ولكن مضمون الاسم لا يزال يدل على ضعف التطور الصناعي والتكنولوجي والاعتماد على الغرب بالدرجة الاساس.
ما الذي يجعل العالم الثالث متأخر
هنالك العديد من العوامل التي تعزز بقاء هذه التسمية حتى الان منها تدني مستوى التعليم في عدد كبير من بلدانها، فضلاً عن تزايد معدلات النمو السكاني يقابله انعدام الضمان الاجتماعي والصحي كما معمول به لدى الدول الغربي.
من الناحية الاقتصادية تمتلك المنطقة المسماة بالنامية العديد من البلدان ذات الثروات المعدنية والنفطية الهائلة الا انها تأخرت في التنقيب عنها او استغلالها كما وان السيطرة الاستعمارية على تلك البلدان جعلها اخر من يستفيد من ثرواتها، فضلاً عن الاعتماد على تصدير المواد الاولية.
من الناحية السياسية فأن المنطقة التي نتحدث عنها تعاني من تخلف سياسي على الرغم من ان بعض بلدانها قطعت اشواطاً طويلة لتصبح ذات نماذج سياسية متطورة متأثرة بالانظمة الغربية الا ان العديد منها لا تزال تفتقر لدساتير تقر التداول السلمي للسلطة و لايتم احداث تغييرات سياسية في اغلبها الا عن طريق الثورات او الانقلابات او التدخل الخارجي بل وحتى التعددية الحزبية في عدد من الدول لا يمثل الا ديمقراطية شكلية فارغة المضمون
اما المعارضة ففي الوقت الذي تمثل فيه المعارضة اداة فعالة لاجبار الاحزاب الحاكمة على احداث تغييرات نحو الافضل الا انها تنتظر فرصتها بالوصول الى السلطة
تفتقر هذه البلدان ايضاً الى(مأسسة السلطة) واقصد ان تتحول دول العالم الثالث الى دول مؤسسات بدلاً من ان تكون السلطة منحصرة فقط بيد الفرد او الحزب او النخبة الحاكمة فيما تغيب المؤسسات التي تضمن انتهاج استراتيجيات بعيدة المدى،لذا فأن سياسة البلاد في العالم الثالث تبقى منقادة وراء اشخاص وليس مؤسسات كما في الدول الغربية التي تبقى استرتيجياتها ثابتة بتغير رؤساءها.
بالتاكيد ان بلدان العالم الثالث لا تطمح الى الوصول للمرتبة الاولى الا انها قد تتمكن من الخروج مما ورثته من تسميات وقد استطاعت بالفعل العديد من دول اسيا من تحقيق ذلك فلم يعد هنالك مجال لاعتبارها متاخرة او متخلفة ومثال على ذلك الصين واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها.
ان ما وصلت اليه الدول المتطورة لم يكن محض صدفة او حالة طبيعية اكتسبت بتقدم السنين بل هو نتاج لكفاح شعوب ومفكري عصور النهضة الذين وضعوا نظريات واسس التطور لمجتمعاتهم فأبتدؤا اولاً باحداث تغيرات سياسية ثم الدخول في مجال الثورة الصناعية التي كانت الانطلاقة للبلدان الغربية والتي ضمنت لها الريادة حتى وقتنا هذا.