ميدان التحرير يشهد اكبر تظاهرة..
"ويكيليكس": مبارك لا يمانع في معاناة بعض الناس خشية الفوضى
القاهرة : في الوقت الذي شهد فيه ميدان التحرير وسط القاهرة الثلاثاء اضخم تظاهرة شهدتها البلاد منذ بدء الاحتجاجات العنيفة المطالبة بتنحي الرئيس حسني مبارك ، تواصل وسائل الإعلام الأمريكية تغطيتها المستمرة للأزمة السياسية في مصر.
ذكرت برقية دبلوماسية نشرها موقع "ويكيليكس" الالكتروني أن الرئيس مبارك "لا يمانع في معاناة بعض الناس خشية تعرض البلاد لحالة من الفوضى".
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" التي نشرت البرقية ولم تذكر تاريخ صدورها إن مبارك يواجه الاحتجاجات المطالبة برحيله بنفس الطريقة.
واتهمت البرقية السفارة الأمريكية في القاهرة مبارك بعدم الاستجابة بإيجابية للمطالبات الأمريكية بالانفتاح السياسي والديمقراطية، كما أنه عادة ما يذكر الإدارة الأمريكية بوصول الإسلاميين إلى السلطة في إيران بعد الإطاحة بالشاه، واستيلاء حماس على السلطة في غزة بعد انتخابات ديمقراطية.
ووصفت البرقية مبارك "بالعلماني التقليدي الذي يكره التطرف الديني وتدخله في السياسة"، وأنه يعتبر جماعة الإخوان تهديدا لنظامه ومصالح المصريين.
ويتفق ذلك مع التصريحات التي ادلى بها مبارك الخميس الماضي لشبكة "إيه بي سي" الأمريكية "، والتي قال فيها " فاض بي الكيل وأود الرحيل ولكن أخاف أن تدخل مصر في فوضى ، لايهمني ما يقوله الناس عني وإنما أهتم ببلدي ".
وفي تعليقه على الدعوات الأمريكية المتكررة لنقل السلطة في مصر فورا ، قال مبارك :" الرئيس باراك أوباما لا يفهم في الثقافة المصرية ، أي انتقال سريع للسلطة سيتسبب بفوضى ، أخشى من فوضى واسعة واستيلاء الإخوان على السلطة إذا تنحيت " .
كما أوردت برقية مؤرخة في يناير/ كانون الثاني 2010 أن المطالب الحالية للمتظاهرين هي نفس المطالب التي نادى بها الدبلوماسيون الأمريكيون منذ أكثر من عام كإلغاء قانون الطوارئ والدعوة لانتخابات حرة.
وتعليقا على الأحداث الحالية ، قالت "واشنطن بوست" في افتتاحيتها أن المشكلة في مصر ليست في الجماعات المعارضة والخشية في وصول جماعة الإخوان إلى السلطة، ولكن في النظام الذي تدعمه الولايات المتحدة والذي لا يبدي رغبة حقيقية في التغيير، بحسب الصحيفة.
وانتقدت الصحيفة" الشمولية العسكرية" التي تهيمن على الجيش المصري، وقالت إن عمر سليمان لا يرغب في ديمقراطية حقيقية ، ودللت الصحيفة على ذلك باستبعاده للجماعات التي كان لها دور أساسي في الاحتجاجات الأخيرة من الحوار، وكذلك تأكيده للتليفزيون المصري على ضرورة توفر" مناخ ديمقراطي" قبل تطبيق الديمقراطية.
اضخم تظاهرة
وذكرت وكالة الانباء الفرنسية أن ميدان التحرير شهد أمس اضخم تظاهرة شهدتها البلاد منذ بدء الاحتجاجات العنيفة المطالبة بتنحي الرئيس حسني مبارك ، حيث ظل الآلاف في الميدان حتى وقت متأخر من المساء، بالرغم من حظر التجول والبرد.
ومن ناحيته، عبر الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان عن انبهاره بمشهد ميدان التحرير الذي قال إنه لم ير مثله "طوال أربعين عاما قضاها في الكتابة عن الشرق التوسط ".
وقال في مقال له في صحيفة "نيويورك تايمز "أخيرا أصبح للعالم العربي مساحة حقيقة للحرية أتت من الداخل وليس بواسطة الجيوش..إنه صوت الشعب الذي ظل صامتا لعقود ".
واستبعد فريدمان إدارة الإخوان المسلمين للأحداث مؤكدا أن "كل الموجودين في التحرير مصريون ..تجد فتاة لا ترتدي الحجاب جالسة إلى جوار منتقبات".
والجديد الذي شهدت المظاهرات المليونية امس ، أن عشرات الآلاف من المتظاهرين حاصروا مجلس الشعب ومقر رئاسة الحكومة المصرية القريبين من ميدان التحرير ومنعوا رئيس الحكومة المصرية أحمد شفيق من دخول مكتبه ورددوا هتافات تطالب برحيل الحكومة ، ورفعوا لافتة على بوابة المجلس مكتوب عليها "مغلق حتى إسقاط النظام".
وفي الإسكندرية احتشد الاف المصريين قرب مسجد القائد إبراهيم وسط مدينة الاسكندرية مطالبين برحيل الرئيس حسني مبارك.
وشهدت المدينة تظاهرات على مدى اربعة ايام كانت جميعها سلمية لكن تخللها اضرام النار بمراكز للشرطة . ورفعت لافتات للتنديد بنظام حكم الرئيس مبارك كما ابدى كثير من المحتجين امتعاضهم من الموقف الامريكي تجاه النظام المصري حيث اعتبره الكثير انه متعاطف معه.
وفي مدينتي المحلة وطنطا بمحافظة الغربية تجمع الآلاف من المتظاهرين الرافضين لإستمرار الرئيس مبارك فى الحكم عقب اداء صلاة العصر وانطلقوا فى مسيرات للمطالبة برحيله فورا.
وردد المتظاهرون الهتافات المعادية لمبارك وأفراد أسرته. وأكد المحتجون تضامنهم مع المعتصمين فى ميدان التحرير بالعاصمة المصرية القاهرة. وقرر عدد منهم المبيت امام ديوان عام المحافظة حتى رحيل مبارك. كما شهدت مديتنا السويس واسيوط تظاهرات شارك فيها الآلاف.
كماقد نظم المئات من أساتذة الجامعات مسيرة إحتجاجية ضد الحكم للمطالبة بتنفيذ مطالب المتظاهرين، وتحركت المسيرة من نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة حتى مستشفى القصر العينى ثم شارع القصر العيني إلى ميدان التحرير.
وفي سيناء، افرجت الشرطة عن 28 معتقلا من البدو، كانت قد القت القبض عليهم خلال احتجاجات الايام الماضية، وذلك في محاولة لاحتواء الاوضاع الامنية في هناك.
توسيع الحوار
وفي الوقت الذي اعتبر فيه الكثيرون ان موقف الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة بدى اقل تشددا مع النظام المصري ، عبرت الولايات المتحدة مجددا الثلاثاء عن رغبتها في قيام الحكومة المصرية بالوفاء بتعهداتها كما طالبت بخطوات "فورية ولا رجعة فيها" باتجاه تطبيق الاصلاحات في مصر وتوسيع نطاق الحوار، فيما عبر الاتحاد الأوروبي عن استعداده لتقديم المساعدة في إجراء الإصلاحات المطلوبة في هذا البلد الذي ارتفع عدد المحتجين فيه إلى مستوى غير مسبوق منذ بدء التظاهرات.
وقال البيت الأبيض إن نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن قد دعا في اتصال هاتفي الثلاثاء مع نظيره المصري عمر سليمان إلى توسيع الحوار حول العملية الانتقالية السياسية بحيث يشمل مجموعات اضافية من المعارضة المصرية.
وأضاف أن بايدن وسليمان ناقشا خلال الاتصال الإجراءات التي تدعمها الولايات المتحدة مثل "توسيع المشاركة في الحوار الوطني بحيث يشمل مجموعة كبيرة من فرقاء المعارضة".
وبدوره، رفض المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبس تصريحات عمر سليمان التي قال فيها إن مصر ليست جاهزة للديمقراطية.
وأكد جيبس أن هذه التصريحات "غير مفيدة"، وذلك في أول انتقاد أمريكي لسليمان الذي يجري مفاوضات مع المعارضة بشأن الخطوات الواجب اتخاذها في الفترة القادمة لتحقيق انتقال للسلطة.
ودعا إلى اتخاذ خطوات "فورية" و"لا رجعة فيها" باتجاه تطبيق الاصلاحات في مصر، غير أنه رفض التعليق مباشرة على الخطوات التي يتخذها الرئيس المصري حسني مبارك لإرضاء معارضيه.
وقال إن المحتجين يعتقدون أن هذه الخطوات غير كافية مؤكدا أن بلاده مستمرة في رغبتها بحدوث تطورات في مصر تؤدي إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة "في عملية تجري دون تأخر وتؤدي إلى نتائج فورية ولا رجعة فيها".
وأضاف "أننا سنعلم إذا حدث تقدم بوتيرة ترضي الشعب المصري" لافتا إلى أن عدد من شاركوا في الاحتجاجات في مصر الثلاثاء فاق عددهم في الأيام القليلة الماضية.
وتابع قائلا "لا أعتقد أنه من المنطقي بالنسبة لنا ان نكون حكما حول ما اذا كان ما حدث اليوم تقدم جيد او تقدم كاف .. سنعرف جميعا عندما تكون وتيرة التقدم تلبي المطالب".
ومن ناحيته قال وزير الدفاع روبرت جيتس يوم الثلاثاء إن الاضطرابات في تونس ومصر تعبير تلقائي عن السخط داعيا الدول الأخرى في المنطقة إلى التنبه وبدء الإصلاحات السياسية والاقتصادية اللازمة.
وأضاف جيتس في مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي أن "أملي أن تتخذ الحكومات الأخرى في المنطقة التي تشهد هذا التحرك التلقائي في كل من تونس ومصر إجراءات للبدء في التحرك في اتجاه ايجابي نحو معالجة الشكاوى السياسية والاقتصادية لشعوبها".
وأكد جيتس على أهمية وفاء مصر بتعهداتها بالتقدم نحو عملية انتقالية ديموقراطية.
وأشاد "بضبط النفس" الذي يمارسه الجيش المصري على نحو يساهم في الانتقال الديمقراطي للسلطة مشددا على أن الانتقال من حكم الرئيس حسني مبارك يجب أن يكون منظما ويجب أن "يتقدم إلى الأمام".
وبدوره دعا وزير الدفاع الفرنسي آلان جوبيه إلى "انبثاق قوى ديموقراطية" في مصر خلال عملية انتقالية يجب أن تحدث "من دون عنف وفي أسرع وقت ممكن".
وقال جوبيه إن "فرنسا اتخذت موقفا صريحا من اجل تطور نحو الديموقراطية في مصر"، معربا في الوقت ذاته عن أمله في أن تجرى هذه العملية "بلا عنف وفي أسرع وقت ممكن".
وأكد جوبيه أن "عددا كبيرا من المسئولين في مصر وتونس قالوا منذ فترة طويلة إما أن يبقوا هم أو تعم الفوضى الإسلامية، ومن الضروري أن نراهن اليوم على انبثاق قوى ديموقراطية لن تصادر الديموقراطية بعد الانتخابات كما حصل ذلك في السابق".
رحيل مبارك
وفي اول رد فعل لجماعة الإخوان المسلمين على القرارات الجمهورية التي أصدرها الرئيس مبارك أمس ، أعلنت الجماعة رفضها للجنة القانونية التي أصدر مبارك قرارا بتشكيلها الثلاثاء بهدف اقتراح تعديلات دستورية.
وقال بيان لجماعة الاخوان: "مع احترامنا لأعضاء هذه اللجنة، فإننا نرى أنها لجنة غير شرعية لأنها مكونة بقرار من رئيس فاقد للشرعية".
وكان اللواء عمر سليمان ، نائب الرئيس المصري اعلن في وقت سابق أن الرئيس مبارك وقع قرارا جمهوريا يقضي بتشكيل لجنة قانونية معنية باقتراح تعديلات دستورية .
وقال سليمان إن الرئيس المصري أصدر أيضا تعليماته لرئيس الحكومة أحمد شفيق بتشكيل لجنة للمتابعة الأمنية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال الحوار الوطني مع المعارضة ، مشيرا إلى وضع "خارطة طريق بجدول زمني لانتقال سلمي للسلطة".
وأضافت جماعة الأخوان في بيانها "نحن لا نزال نرى في القرارات التي يصدرها هذا الرئيس غير الشرعي محاولة مستميتة للالتفاف على إرادة الجماهير، وكسب الوقت للتشبث بالسلطة وإبقاء النظام".
وقالت الجماعة "هل يكفى إقالة بعض مسئولي الحزب الوطني وهم الذين أفسدوا الحياة السياسية والاقتصادية، وهم الذين زوروا انتخابات المجالس النيابية والمحلية تزويرا فاضحا شاهده وشهد به الجميع في الداخل والخارج ثم خرجوا يتباهون بالنصر، وقد مرغوا سمعة مصر في الرغام، وقهروا إرادة شعبها الصبور، ألا يستحق كل من اقترف هذا الجرم المحاكمة والإدانة ؟ ".
وجددت الجماعة موقفها برحيل مبارك ، وقالت :"ليس من الكرامة أن يبقى رئيس جاثما فوق صدور شعبه رغم طوفان المقت والكراهية الذي يكنه هذا الشعب لهذا الرئيس، لذلك فكل من يزعم حرصه على كرامة الرئيس عليه أن يسعى لرحيله حفاظا على مصالح الشعب والوطن" .
ومن جانبهم ، قام شباب ثورة 25 يناير المعتصمين فى ميدان التحرير بتشكيل لجنة مؤلفة من 14 شابا، منهم روعى فيها أن تكون ممثلة لجميع التيارات السياسية، للتفاوض باسمهم مع المسئولين، وقد تشكلت لجنة التفاوض من أحمد ماهر ومحمود سامي ممثلين عن حركة 6 أبريل وزياد العليمي وعبد الرحمن سمير عن الحملة الشعبية لدعم البرادعي، وإسلام لطفي ومحمد عباس عن شباب الإخوان المسلمين، وشادى الغزالى حرب و عمرو صلاح عن حزب الجبهة الديمقراطية، وخالد سيد ومصطفى شوقى عن شباب من أجل العدالة والحرية ،بالإضافة إلى أربعة من المستقلين هم: وائل غنيم منشيء صفحة "كلنا خالد سعيد" التى كانت من أبرز الداعين لثورة الشباب، وناصر عبدالحميد وعبد الرحمن فارس، وسالى مور.
وأكد تحالف الثورة المشكل من كافة القوى والحركات والمستقلين رفضه التام لأى حوار أجراه السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية مع أى شخص أشير إليه على أنه يمثل المعتصمين بميدان التحرير ، كما شدد على رفضه لأى مفاوضات قبل رحيل الرئيس مبارك.