حديقة الغروب
خـمسٌ وسـتُونَ.. في أجفان إعصارِ أمـا سـئمتَ ارتـحالاً أيّها الساري؟
أمـا مـللتَ مـن الأسفارِ.. ما هدأت إلا وألـقـتك فـي وعـثاءِ أسـفار؟
أمـا تَـعِبتَ من الأعداءِ.. مَا برحوا يـحـاورونكَ بـالـكبريتِ والـنارِ
والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بقِيَتْ ســوى ثُـمـالةِ أيـامٍ.. وتـذكارِ
بلى! اكتفيتُ.. وأضناني السرى! وشكا قـلبي الـعناءَ!... ولكن تلك أقداري
***
أيـا رفـيقةَ دربـي!.. لو لديّ سوى عـمري.. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري
أحـبـبتني.. وشـبابي فـي فـتوّتهِ ومـا تـغيّرتِ.. والأوجـاعُ سُمّاري
مـنحتني مـن كـنوز الحُبّ. أَنفَسها وكـنتُ لـولا نـداكِ الجائعَ العاري
مـاذا أقـولُ؟ وددتُ الـبحرَ قـافيتي والـغيم مـحبرتي.. والأفقَ أشعاري
إنْ سـاءلوكِ فـقولي: كـان يعشقني بـكلِّ مـا فـيهِ من عُنفٍ.. وإصرار
وكـان يـأوي إلـى قـلبي.. ويسكنه وكـان يـحمل فـي أضـلاعهِ داري
وإنْ مـضيتُ.. فـقولي: لم يكن بَطَلاً لـكـنه لــم يـقبّل جـبهةَ الـعارِ
***
وأنـتِ!.. يـا بـنت فـجرٍ في تنفّسه مـا فـي الأنوثة.. من سحرٍ وأسرارِ
مـاذا تـريدين مـني؟! إنَّـني شَبَحٌ يـهيمُ مـا بـين أغـلالٍ. وأسـوارِ
هذي حديقة عمري في الغروب.. كما رأيـتِ... مرعى خريفٍ جائعٍ ضارِ
الـطيرُ هَـاجَرَ.. والأغـصانُ شاحبةٌ والـوردُ أطـرقَ يـبكي عـهد آذارِ
لا تـتبعيني! دعيني!.. واقرئي كتبي فـبـين أوراقِـهـا تـلقاكِ أخـباري
وإنْ مـضيتُ.. فـقولي: لم يكن بطلاً وكــان يـمزجُ أطـواراً بـأطوارِ
***
ويـا بـلاداً نـذرت العمر.. زَهرتَه لعزّها!... دُمتِ!... إني حان إبحاري
تـركتُ بـين رمـال الـبيد أغنيتي وعـند شـاطئكِ المسحورِ. أسماري
إن سـاءلوكِ فـقولي: لـم أبعْ قلمي ولـم أدنّـس بـسوق الزيف أفكاري
وإن مـضيتُ.. فـقولي: لم يكن بَطَلاً وكـان طـفلي.. ومحبوبي.. وقيثاري
***
يـا عـالم الـغيبِ! ذنبي أنتَ تعرفُه وأنـت تـعلمُ إعـلاني.. وإسـراري
وأنــتَ أدرى بـإيمانٍ مـننتَ بـه عـلي.. مـا خـدشته كـل أوزاري
أحـببتُ لقياكَ.. حسن الظن يشفع لي أيـرتُـجَى الـعفو إلاّ عـند غـفَّارِ؟